عبد الحميد كشك

محمد فرحان

 مصر، هي بلد تشرفت أرضه بحلول كثير من المتحدثين اللذين جذبوا عقول الناس ولفتوا أنظارهم بخطاباتهم في مجالات الأدب والفلسفة والدين والتصوف. فمنهم الشيخ متولي الشعراوي، وحسن البنا ومصطفى كامل، و سعد سألول


وما يجعل الشيخ عبد الحميد كشك مختلفًا عنهم هو العديد من العوامل في أسلوب محاضرته الخاص به مثل تقديمه الجذاب ، وقدرته على جعل الناس يضحكون ويبكون في نفس المحاضرة، وصوته المنخفض والعالي وفقًا لأهمية الموضوعات ، ونضالاته المستمرة لإثبات الحق و العدل.


 ابتكر الشيخ عبد الحميد كشك خططا متعددة للناس في المسجد الذي عمل فيه كخطيب وصير المسجد إلى هيئة مركز خدمة عامة. و كان قادرًا على استكمال واجبات خطيب بدقة شديدة. وترك بصمته الخاصة في العالم الإسلامي من خلال ألفي محاضراته واتخذ مواقف وتيدة حول القضايا المتعلقة بالأمور الإسلامية مثل السياسة والثقافة والدين. من العجيب جدًا أنه لم يخطأ حتى خطئا لغويا صغيرا في تاريخ محاضراته الذي استمر لأربعين عامًا.


لقد أثرت الخطب التي تردد صداها مع التمهيد «الحمد لله ربي العالمين يا رب» على العديد من المتحدثين في العالم العربي حتى يومنا هذا. كان قادرًا على اصطحاب الجمهور مع خطابه بطرح الأسئلة. و خالف باستمرار جميع الحركات المعادية للإسلام مثل الصهيونية والاشتراكية والعلمانية. كان مصرا لإثبات الحقيقة. لم يظهر الميلان إلى أي منظمة أو حركة في البيئة السياسية المضطربة في مصر.


ولادته ونشأته وخدماته


ولد عبد الحميد كشك عام 1933 في قرية شبراخيت بالقرب من الإسكندرية لعائلة متدينة غير ميسورة الحال اقتصادياً. و كان والده تقياً ومجتهداً في تجارته على الرغم عوائق حياته . وحفظ القرآن قبل أن يبلغ العاشرة من عمره.و يصف في سيرته الذاتية « قصة أيامي» أحداث شبابه بشكل أجمل .و أصبح أعمى إثر إصابة نتجت عن خطإ الطبيب.


 مرة ، دخل المسجد المحلي وانتقد بشدة الظلم في البلاد وأعمال تجارها الشريرة . وبهذا، اندهش جميع المستمعين من أداء الواعظ الجديد ونظروا إليه نظر المحبة والمودة. وفي جانب آخر ، تولدت هذه الخطبة الحسد في قلوب بعض الناس . وعلى الرغم من أنه فقد بصره، استمر مهمته الدعوية بقوة بصيرته . و تخرج هو من جامعة الأزهر. بعد ذلك، عمل هناك لبعض الوقت كمساعد للأساتذة وترك هذا المنصب مدركًا أن مجاله ليس بالتدريس بل مجال الوعظ والدعوة.


و احتج بشدة خلاف اضطهاد الحكومة في مصر وبسبب ذلك تم سجنه في عهد عبد ناصر. وانتقد بشدة حكومة السادات ضد معاهدة ديفيد . بعد اغتيال السادات، تولى حسني مبارك السلطة و أطلق سراح كشك من السجن ومنعه من التحدث أمام الجمهور. و كان خطابه بطريقة عجيبة. كان تصريحه بأنه «لا يوجد ضوء ولا قوة في أنور السادات» يثير ضجة في جميع أنحاء البلاد. في مناسبة أخرى، قوله عن عادل إمام( الممثل الشهير في مصر) كان أكثر إطراءً. و قال: أننا جميعًا دعونا الله أن يباركنا بإمام عادل، لكن للأسف حصلنا على عادل إمام 


و بسبب انتشار الاشتراكية في مصر بعد الاستقلال والغزو الثقافي ، كان ينتقد بشكل خاص الممثلين والممثلات السينمائيات.وتجدر الإشارة إلى أن هذا كان وقتًا ازدهرت فيه جهود تدمير التراث الإسلامي العربي لمصر. لهذا انتقد مستهلكين الثقافة الغربية في محاضراته بلغة قاسية .وانتقد الأفلام والمسلسلات الفاسدة. وكشف نفاق وسائل الإعلام في العديد من المحاضرات. لهذا السبب، كان قرة عيون الكثير من الناس.


 بصرف النظر عن كل هذا، كان أيضًا محبًا كبيرًا للنبي. اعتاد أن يبكي المستمعين من خلال تقديم صور حياة النبي بطريقة جميلة جدًا. ها هي المدرسة النبوية... على بوابته نقش يقول «يا رسول الله, ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين»... كان لديه بلاغة خاصة للإتيان بمثل هذه التعبيرات الجميلة في المحاضرات.


كانت وفاة كشك نفسها مفاجأة . مات هو مستلقيا في السجود، وخلف الشيخ بثلمة لا تسد في مجالات الأدب والدعوة والتربية…

Comments

Popular posts from this blog